البحث عن الأمل في ماضٍ معقد
كيف كانت تبدو الأميركتان قبل وصول الأوروبيين؟ تعلّم الكثيرون منا أن المستكشفين البيض الأوائل واجهوا الحياة البرية البكر. وبالتأكيد، فقد ازدهرت الشعوب الأصلية هنا لآلاف السنين، لكن علاقتها المتناغمة مع الأرض تركت النظم البيئية المحيطة نظيفةً.. أو هكذا تقول القصة. ومع ذلك، ظهرت في العقود الأخيرة رواية مختلفة، حيث أضاف العلماء فارقاً بسيطاً إلى فهمنا لأميركا ما قبل الاستعمار.
تصوِّر وجهةُ النظر العلمية الجديدة هذه المجتمعات الأصلية على أنها كانت بمثابة مصممين نشطين للمناظر الطبيعية، غيروا الغابات وزرعوا الحقول، وسيطروا على الأرض. ويوضح هذا المنظر صورَ هؤلاء الأميركيين الأوائل، الذين تم تصويرهم منذ فترة طويلة على أنهم صيادون بسطاء.
من المحتمل أن يكون الواقع قد تغير عبر الفترات الزمنية والقبائل والأفراد. ويؤجج هذا التاريخ الأملَ لدى دعاة الحفاظ على البيئة لأنه يتحدى فكرةَ أن الحضارة لا يمكن أن تزدهر إلا على حساب البيئة. وفي الوقت نفسه، أدت القفزات في التكنولوجيا الجغرافية المكانية وتدفق الأفكار التي تتسم بالعولمة إلى زيادة فهمنا لدور الإشراف الذي تلعبه مجتمعات السكان الأصليين اليوم. يبلغ عدد السكان الأصليين في العالم 370 مليون نسمة، ويشكلون أقل من 5% من إجمالي عدد السكان. ومع ذلك، فهم يعتنون حالياً بما يقرب من ربع مساحة كوكب الأرض، بما في ذلك 80% من التنوع البيولوجي العالمي.
ويبدأ هذان الخيطان في الترابط معاً. فقد بدأت الفكرة النمطية القائلة بأن الشعوب الأصلية لديها انسجام متأصل مع العالم الطبيعي لا يستطيع الآخرون فهمه تتلاشى. وبدلا من هذه الفكرة، نما الاعتراف بالحكمة الأصلية المتجذرة عبر عشرات آلاف السنين من التجربة والخطأ. قال جون ووترهاوس، الباحث في شؤون الشعوب الأصلية بجامعة أوريجون للصحة والعلوم، لـ«ناشونال جيوجرافيك» في عام 2018: «لقد أتقنت الشعوب الأصلية فن العيش على الأرض دون تدميرها.
إنهم يواصلون التدريس والقيادة بالقدوة». وأضاف: «يجب أن ننتبه لهذه الدروس، ونتولى هذه المهمة الصعبة، إذا كنا نريد أن يكون لأحفادنا مستقبل». إن المخاطر واضحة: فقد اختفى ما يقرب من 300 ألف ميل مربع من غابات العالم منذ عام 1990، ويعتقد العديد من العلماء أننا في خضم الانقراض السادس.
لكن مجتمع الحفظ العالمي يلتمس أملاً جديداً للمستقبل، حيث يبدأ الترحيب بمجتمعات السكان الأصليين كشركاء. العديد من أسباب هذا التحول واضحة نراها عندما تنضم مجموعات السكان الأصليين إلى مالكي الغابات والمنظمات المجتمعية في جهد تعاوني لإنقاذ غابات كندا. كما تسلط تقاريرُنا حول نقاط التقدم الضوءَ على أمثلة على الرعاية التي يكفلها السكان الأصليون في مقاطعة ميندوسينو بكاليفورنيا وفي محمية غابات إيماتاكا في فنزويلا. وتتطرق ميزة تقاريرنا المدعومة بالصور إلى إدراج مجتمعات الأميركيين الأصليين في برامج الذكرى السنوية الـ150 لمنتزه يلوستون الوطني.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
* كاتبة متخصصة في البيئة والتكنولوجيا والعلوم.
المجتمعات الأصلية كانت بمثابة مجموعة مصممين نشطين للمناظر الطبيعية، غيّروا الغابات وزرعوا الحقول وسيطروا على الأرض